الأربعاء، 10 مارس 2010

النصر يولد من رحم الاحزان


بقلم: هديل الصفدي


بعد أن اشعل المنتخب العراقي لكرة القدم قناديل الفرح في شوارع بغداد المظلمة وهو يزف كأس بطولة آسيا التاريخية لشعبه الرازخ تحت وطأة الاحتلال الأميركي وما رافق ذلك من ضياع للأمن والأمان، ها هو المنتخب اللبناني لكرة السلة يقفز بجواد جامح عن كل الخلافات السياسية ويهدي شجر الأرز وصافة بطولة آسيا لكرة السلة .. تأكيدا لمقولة ان النصر يولد من رحم الاحزان.


لم يعد النصر الذي حققه المنتخب العراقي مجرد حدث رياضي بل اصبح حدثا وطنيا جمع قلوب ملايين العراقيين ووحدهم في ظل الحرب الامريكية على العراق التي مزقت شعبه وفرقت طوائفه.


تعيش الرياضة العراقية ظروفا قاسية منذ بداية الاحتلال حيث تعرض كثير من الرياضيين العراقيين الى الاختطاف والقتل، كما فجرت بعض الملاعب، وعانت كثير من الفرق لافتقار المكان الآمن للتدريب وافتقار المعسكرات التدريبية، وتوقف الدوري العراقي لكرة القدم عدة مرات لهذه الظروف وحرمت الأندية من إقامة مبارياتها الخارجية على ارضها، ورغم هذه المعاناة الا ان الرياضة العراقية برزت بشكل يفوق نجاح نظيراتها العربية الاخرى التي تملك كل المقومات التي تدفعها للتقدم والتطور.


فقد تمكنت كرة القدم العراقية تحت وطأة الاحتلال من تحقيق العديد من الإنجازات حيث كانت البداية عندما تمكن المنتخب الاولمبي من مفاجأة الجميع بإحتلاله المركز الرابع في اولمبياد اثينا عام 2004، وكانت الخطوة الثانية عندما احتل نفس المنتخب المركز الثاني في دورة الألعاب الآسيوية 2006 في الدوحة، وكان الإنجاز التاريخي للعراقيين عام 2007 بإحراز منتخبهم الأول اللقب القاري الأول في تاريخ المشاركات العراقية.


وفي بلد ليس ببعيد عن العراق، سطرت كرة السلة في لبنان إنجازين تاريخيين في فترة شهدت حربا عسكرية وإضطرابات سياسية وأمنية كانت تقف سدا منيعا في وجه تقدم وتطور مسيرة الرياضة اللبنانية. فرغم الحرب الأسرائيلية على لبنان عام 2006 والإضطربات الأمنية التي نجمت عن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري والإنقسامات السياسية التي تبعت حادثة الإغتيال عام 2004 إلا أن منتخب السلة اللبناني تمكن من احتلال المركز الثاني في بطولة آسيا لكرة السلة عام 2005 في الدوحة وبلغ المونديال الأخير في اليابان عام 2006 .


ولم يتوقف طموح المنتخب اللبناني لكرة السلة عند هذا الطموح بل واصل مسيرته المظفرة وتمكن من احتلال المركز الثاني في بطولة آسيا لكرة السلة عام 2007 في اليابان ليضمن مقعدا جديدا في المونديال القادم عام 2008.


ومع هذين الإنجازين لمنتخب الكرة العراقي وشقيقه منتخب السلة اللبناني اللذان يعيشان اجواءا غير ملائمة لممارسة الرياضة بصورتها البسيطة، تتطلع الشعوب العربية أن يكون المنتخب الفلسطيني الذي يرزح تحت وطأة الإحتلال الإسرائيلي هو الضلع الاخير في مثلث الإنجازات الرياضية العربية على المستوى الإقليمي والدولي، كما تتطلع لأن تكون هذه التجربة الناجحة حافزا امام الدول العربية الاخرى التي لا تعاني من اي مشاكل تعيق تطور وازدهار الحركة الرياضية فيها.


نشر في 12-8-2007

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق